أي سلام يمكن أن ينطلق من مستوطنة!

حجم الخط
تنويه من الموقع : قاد السيد سري نسيبة فريقا مكونا من 30 شخصا إلى اجتماع بمغتصبة آرائيل فيما سُمي "مؤتمر السلام". منذ نشأة دولة الاحتلال على الأرض الفلسطينية والمحاولات الإسرائيلية لكسر حاجز العزلة عن نفسها وفي "إخراط" اكبر عدد من الناس، ليس الفلسطينيين فقط، وإنما من جميع الأقطار العربية لم تتوقف، وهي ستستمر طالما بقي هذا الكيان جاثما على صدر فلسطين، وفي القلب من هذه المنطقة من العالم. المحاولات الإسرائيلية لكسر العزلة، تأتي من خلال شعور تأصل في ذهنية القيادات الصهيونية منذ نشأة كيان الاغتصاب في فلسطين، انها تعيش في حالة معزولة عن الواقع المحيط، حيث هي بدون شك، تعلم تمام العلم، انها نبت خبيث وبذرة ضار نبتت في غير المكان وربما في غير الزمان، وإنها وان استطاعت في لحظة من التاريخ ان تخدع العالم من خلال دعاية زائفة وتزوير للتاريخ، من إنشاء كيان استعماري استيطاني يمكن ان يكون أداة متقدمة لخدمة الغرب الامبريالي، فان هذا الكيان الذي حاولت تصويره على انه جزء من الحضارة أو الثقافة الغربية، وبعد ما يزيد على ستة من العقود لا زال يعاني من رفض تام له، وانه كيان مرفوض لن ينفع معه عوامل القوة المختلفة وسيبقى أسير محيط ينبذه ولا يقبل به أو كما يقال في المثل العربي الدارج " مثل الشاة الجربه". منذ توقيع الاتفاقية أو المعاهدة الأولى للسلام التي وقعها الكيان مع نظام السادات، نشطت المحاولات الصهيونية من اجل الحصول على المباركة الشعبية بعد ان حصلت على المباركة الرسمية من نظام مصر الذي رمى بكل ثقله وبكل ما تمثله مصر في الحضن الأمريكي والصهيوني، واخرج هذا البلد العزيز من معادلة الصراع، وظلت المحاولات الصهيونية من اجل الحصول على الرضا في الشارع المصري بلا توقف، إلا انها لقيت صدودا قويا وظل الشارع المصري عصيا على الاختراق، وطالما تظلمت وتشكت دولة الكيان من ان السلام مع مصر كان ولازال باردا تعوزه الحرارة والطبيعية. لم تتوقف المحاولات الصهيونية، وبقيت مستمرة مع إطلالة مدريد وما بعد مدريد، ومن ثم إعلان المبادئ في أوسلو، حيث فتحت هاتان الاتفاقيتان الأبواب وشرعتها أمام دولة الاغتصاب، فهرولت العديد من الدول العربية متخذة من اتفاق أوسلو بالتحديد ذريعة لتلعب على المكشوف في علاقاتها مع دولة الاغتصاب، بعد ان كانت تمارس علاقاتها كعادة سرية بغيضة يفتضح أمرها ما بين فترة وأخرى. ولم يقتصر اللعب على المكشوف في العلاقات مع دولة الكيان على دول العربان، فقد وجدت دولة العدوان ضالتها في بعض المجموعات من المثقفين والأكاديميين والإعلاميين في الدول العربية المستهدفة، مما مهد الطريق أيضا إلى مجموعات مماثلة من الفلسطينيين الذين ما لبثوا ان قفزوا في قطار التطبيع، وراح البعض من هؤلاء يجاهر إلى حد المفاخرة بعلاقاته وارتباطاته المشبوهة والتي تستهدف "كسر الحواجز" كما يدعون، من اجل الوصول إلى حل للصراع الفلسطيني الصهيوني، كما قام البعض منهم بصياغة مبادرات وما يشبه الاتفاقات مع بعض المثقفين والأكاديميين الصهاينة. خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية، وفي فورة الحديث عن مصالحة فلسطينية، وبعد مرور حوالي شهرين على ما بات يعرف باستحقاق أيلول، بات من الواضح ان القيادة اليمينية الفاشية في دولة الاغتصاب، والتي تشعر بتزايد عزلتها الدولية نتيجة سياساتها العنصرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار سياساتها فيما يتعلق بالاستيطان ومصادرة الأراضي، ورفضها الاستجابة للمطالب الدولية بوقف الاستيطان، وتوقف عجلة المفاوضات بسبب ذلك، يبدو ان حركة التطبيع، شعرت انه جاء الوقت الذي لا بد من التحرك فيه خاصة مع ما تردد عن محاولات إسرائيلية عن البحث المحموم عن قيادات بديلة لما هو موجود. كان آخر ما تفتقت عنه عقول هؤلاء الذين روجوا ولا زالوا للتطبيع مع المحتل، انهم ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فلم يجدوا سوى مستوطنة اريئيل وتحت رعاية جامعة اريئيل لكي يعقدوا مؤتمرا "للسلام" وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، جامعة اريئيل هذه، التي تمت إقامتها عل ارض فلسطينية محتلة ومسروقة من أبناء الشعب الفلسطيني كما هي المستوطنة وكل المستوطنات المقامة على الأرض الفلسطينية، وهي الجامعة التي قامت الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في الدول الغربية وخاصة في بريطانيا بحملات شرسة من اجل مقاطعتها. وفيما يعقد هؤلاء مؤتمرهم في مستوطنة لا شرعية، في محاولة واعية أو غير واعية لمنح هذه المستوطنة شرعية مجانية، نجد ان العشرات من الأكاديميين الصهاينة، يرفضون الاعتراف بالجامعة ورفض المشاركة في أي نشاط تربوي يقام في المركز الجامعي في مستوطنة اريئيل، فقد أفادت الإذاعة العبرية في 9-1-2011، ان مائة وخمسين أكاديميا صهيونيا في مختلف مؤسسات التعليم العالي في إسرائيل وقعوا على عريضة أعلنوا من خلالها نيتهم عدم المشاركة في أي نشاط في تلك المؤسسة. الكاتبة عينات وايزمن كانت كتبت في صحيفة معاريف بتاريخ 26-1-2010 مقالا بعنوان "جامعة ارئيل دليل آخر على الابارتهايد، حيث قالت فيه "المؤسسة التي تسمى جامعة، هي بالإجمال جزء من إستراتيجية تسعى إلى تخليد مستوطنة ارئيل... وستبقى كموقع في جبهة نظام الفصل العنصري، معلموها وطلابها جنود – مدنيون- والمؤسسة نفسها كلية عسكرية لا تختلف كثيرا عن أي دورة قناصة، حتى ذلك الحين، بدلا من أن تدعى جامعة من الجدير بها اسم محكمة ارئيل". أما ابيرما غولان فقد كتبت بتاريخ 22-1-2011 في صحيفة هآرتس تحت عنوان "جامعة ارئيل.. مدماك جديد في دولة المستوطنين" حيث جاء في المقال "جاء الاعتراف بكلية أرئيل كجامعة، في كل مرحلة من مراحله، بالضبط مثل كل سلوك آخر... في البداية تتقرر حقيقة على الأرض ويُستخف بالقانون، وبعد ذلك يطالبون باعتراف مبدئي ويحصلون عليه من حكومة يمينية متعاطفة". هذه نماذج فقط لما كتب في هذا الإطار. من غير الممكن ان نقتنع بأن هؤلاء الذين ذهبوا إلى المستوطنة الصهيونية، لم يكونوا على اطلاع بكل هذه المواقف سواء في داخل الكيان أو في الخارج، وخاصة تلك الحملات التي تمت من اجل مقاطعة جامعة ارئيل، وإذا كانت هذه مواقف الأكاديميين والكتاب الصهاينة، فمن غير الممكن النظر إلى الخطوة التي قام بها مجموعة من المطبعين، إلا انها محاولة باهتة لا بل مخزية تهدف فيما تهدف إلى شرعنة الاحتلال ومنح كل ما يقوم به وخاصة الاستيطان، شرعية مفقودة لن تجدي معها محاولات هؤلاء الذين لفظهم المجتمع والتاريخ برغم محاولاتهم التلطي خلف مشاريع يقولون انها تهدف إلى إنهاء الصراع، فأي سلام وأي مبادرات للسلام يمكن ان تقوم على حساب الثوابت والحقوق الفلسطينية ومن قلب مستوطنة مزروعة في الأرض الفلسطينية تمثل عنوانا للاغتصاب.