المؤتمر الوطني السابع – ديسمبر 2013

الجبهة.jpg
حجم الخط

المؤتمر الوطني السابع – ديسمبر 2013

بتاريخ 28/11/2013 – ولغاية 3/12/2013 وفي رحاب احتفالنا بالذكرى السادسة والأربعين لانطلاقة جبهتنا، تم عقد مؤتمرنا الوطني السابع بتزامن موحد ومنظم في كافة فروع حزبنا/جبهتنا في الوطن والمنافي تحت شعار "المؤتمر الوطني السابع محطة هامة على طريق النهوض والثورة المستمرة حتى تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني " حيث قام الرفاق أعضاء المؤتمر في كل حلقة من حلقاته بانتخاب هيئة رئاسة المؤتمر وإقرار جدول الأعمال في إطار التنسيق الشامل بين جميع الحلقات في تنسيق وإدارة المؤتمر وفق آليات عمل مشتركة استندت إلى آليات ديمقراطية في كل أعمال وقرارات المؤتمر وفقاً لنصوص وشروحات نظامنا الداخلي باعتباره المرجعية الدستورية الناظمة لمؤتمراتنا وعلاقاتنا التنظيمية الداخلية بين هيئات وأعضاء الجبهة الشعبية .

هذا وقد تم افتتاح المؤتمر بكلمة الرفيق المناضل الأسير الأمين العام أحمد سعدات بدأها بتوجيه التحية إلى ذوي الشهداء والجرحى والأسرى مصدر اعتزازنا ومعين صمود شعبنا وحزبنا، مستذكراً رفاقا قادة مؤسسين وأعضاء في اللجنة المركزية العامة، فقدناهم بين المؤتمرين، المؤسس والقائد القومي والوطني والأممي الرفيق جورج حبش والرفيق الشهيد القائد أبو علي مصطفى، والرفيق أبو ماهر اليماني، وكوكبة من الرفاق القادة، معاهداً الجميع مواصلة الاستمرار في خنادق النضال، حتى تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة.

ثم تطرق الرفيق الأمين العام إلى التحولات العالمية قائلاً " ينعقد مؤتمرنا الوطني السابع، ونحن على عتبة تحولات كبرى على الصعيد الكوني والقومي. فالجماهير التي طالما كانت ولا زالت رهاننا الأول، وموقع الثقة والأمل، تعبر عن إرادتها في لحظة ظن البعض أنها لن تقوم أبدا، وعلى وقع حراكها تتغير معادلات دولية، فعالم القطب الواحد ينسحب من الواجهة لصالح حالة جديدة يصبح فيها الشرطي الأمريكي الذي صال على مدى عقدين من الزمان قوة عظمى تتقدم قوى أخرى، وهو لا ينفك يعاني من أزمة اقتصادية بنيوية متفاقمة، ومن فشل متتابع لحروبه ولسياساته الدولية على وقع حركات الشعوب سواء في وطننا العربي أو في أمريكا اللاتينية، أو حراك الطبقات الشعبية ضد عولمة الليبرالية الجديدة المتوحشة".

كما أشار الرفيق الأمين العام إلى الحراك الثوري العربي بقوله " يأتي مؤتمرنا متزامنا مع حراك شعبي عربي يشكل في جوهره العام حالة استفاقة من سبات طويل، تعزز الأمل بالتغيير الوطني والديمقراطي الاجتماعي والسياسي، واستعادة الجماهير لثقتها بطاقاتها وقدرتها على إحداث التغيير، واستعادة زمام المبادرة، رغم ما يعتري ذلك من مخاطر محدقة بها تهدف إلى إجهاضها وحرف مسارها عن أهدافها الحقيقية ببناء الدولة المدنية الديمقراطية المستقلة السيدة والعادلة.

وهذا يحتاج منا في الجبهة الشعبية تعميق الرؤية  ضمن أبعادها الوطنية والقومية والأممية، كما يطرح علينا وعلى القوى الثورية العربية، مهام تفعيل وتطوير العمل القومي المشترك، بما يفضي إلى مشروع قومي نهضوي تقدمي وديمقراطي، على طريق بناء أداته السياسية القومية التقدمية الموحدة".

وأضاف الرفيق الأمين العام قائلاً "إن المفارقة الكبرى، أن انتفاضة شعبنا الكبرى عام 1987، كانت ملهما أساسيا للشباب العربي، في حين لا زالت البرجوازية الكومبرادورية والطفيلية الفلسطينية بشقيها الديني والوطني، تضيف مزيدا من الإحباط في أوساط الجماهير الفلسطينية جراء الاحتراب على سلطة محدودة، ولدت فسادا سياسيا وماليا وإداريا، وثقافيا، جراء المراهنة على أوهام لم تتحقق".

واستطرد الرفيق الأمين العام قائلاً "إننا إذ لا نقلل من خطر الإسلام السياسي على قضيتنا الوطنية والديمقراطية، بعد تحولاته الأخيرة واختياراته التي لا تفيد العملية التحررية الوطنية، نرى أن الخطر الثاني بعد خطر الاحتلال كخطر رئيسي مستمر وقائم، هو الهبوط السياسي للقيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، واستجابتها للضغوط الأمريكية والصهيونية، وذلك يملي على حزبنا وقوى وشخصيات اليسار الفلسطيني، إدراك عمق التحولات الطبقية والسياسية التي طرأت على البرجوازية الطفيلية في منظمة التحرير الفلسطينية، إن المطلوب هو عدم التماهي معها أو مهادنة مواقفها تحت فزاعة مواجهة الخطر الأصولي كوجه آخر لعملة البرجوازية الطفيلية ذاتها. هذا يملي علينا كحزب ثوري وقوى يسارية أن نُبرز رؤيتنا الثالثة المستقلة والنابعة من مصالح وطموحات الجماهير الشعبية التي تعبر يوميا عن استيائها مما آل إليه وضع قضيتنا".

وعلى أثر ختام كلمة الرفيق الأمين العام، استكمل مؤتمرنا الوطني السابع أعماله تتويجاً لممارسة الديمقراطية الداخلية في كافة منظمات حزبنا منذ بداية العام 2013، التي قامت بمناقشة الوثائق المقدمة للمؤتمر، وانتخاب مندوبيها إليه، حيث نوقشت أثناء انعقاد المؤتمر بروح عالية من الوعي والمسؤولية وصولاً إلى الصياغة النهائية للوثائق.

أولاً: التقرير السياسي :

أ- الوضع الدولي :

أكد المؤتمر على أن تشخيصنا للواقع الدولي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار متابعة المتغيرات الدولية واتجاه حركتها السياسية التي تؤثر بالسلب أو الإيجاب على نضالنا الوطني، بمثل تأثيرها على مجمل نضال القوى اليسارية والديمقراطية الثورية العربية، وذلك انطلاقاً من الترابط الوثيق راهناً ومستقبلاً بين البعدين القومي والوطني في النضال التحرري ضد الكيان الصهيوني والوجود الامبريالي من جهة والنضال الديمقراطي ضد القوى والأنظمة الرجعية وكافة مظاهر الاستغلال الطبقي والاستبداد من جهة ثانية.

وفي هذا السياق، أكد المؤتمر على ضرورة القراءة الواعية والمتأنية لكافة جوانب ومكونات الواقع الاقليمي والدولي، بما يضمن لحزبنا رسم الرؤية الدقيقة والتكتيك الأفضل لممارسة النضال التحرري الوطني والديمقراطي وبما يلبي المتطلبات والأهداف المرتبطة بواقعنا ومشوارنا الكفاحي في هذه المرحلة التي يعيش فيها كوكبنا، بكل مكوناته السياسية، حالة غير مسبوقة من الفوضى والاضطرابات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سَتترك آثارها وتداعياتها إيجابا أو سلباً على مجمل الساحات الرئيسية الدولية عموماً، وعلى قضيتنا الفلسطينية وكافة بلدان الوطن العربي خصوصاً، في ظل تراجع العولمة الأحادية الأمريكية بفعل أزماتها المتلاحقة، ومن ثم بداية ظهور أشكال من التعددية القطبية ، إلى جانب تنامي دور الهند والبرازيل وإيران وفنزويلا ودول أمريكا اللاتينية.

وهنا بالضبط، تتجلى دعوة المؤتمر إلى قراءة مشهد التحولات العالمية الجارية، بما يمكن كوادر وأعضاء حزبنا، وأنصارنا وأصدقائنا وجماهيرنا من وعي هذه التحولات وكيفية التعاطي معها وتوظيفها واستثمارها في نضالنا الوطني والقومي، خاصة الأقطاب العالمية المؤثرة في المشهد العالمي الراهن، كالصين وروسيا ودول أمريكا اللاتينية والهند، القادرة على بلورة مواقف وسياسات معارضة أو متناقضة مع سياسات ومناهج الأحادية الأمريكية المعولمة، بما يتيح لشعبنا العربي الفلسطيني وكل شعوبنا العربية، عبر قواها الثورية الديمقراطية، مزيداً من الفرص والإمكانات الأكثر ملائمة وانسجاماً مع أهداف نضالنا التحرري الديمقراطي التقدمي من ناحية، وبما يمكننا من الاسهام في تفعيل دور جبهتنا مع بقية القوى والأحزاب التقدمية العربية، للاستفادة من بعض جوانب المشهد السياسي الدولي الجديد لصالح قضايا شعبنا وشعوب أمتنا العربية، وذلك كله سيظل مرهوناً بدورنا الذاتي من أجل الارتقاء بعلاقاتنا السياسية مع كافة القوى اليسارية والديمقراطية الثورية  والدول الصديقة في المشهد العالمي الراهن.

ب- الوضع العربي:

في قراءته للأوضاع العربية، أشار المؤتمر بوضوح، إلى الحالة المأساوية التي تعيشها البلدان العربية طوال العقدين الماضيين، حيث فقد العرب سيادتهم وقوتهم وأمنهم، وبات الوطن العربي من أكثر المناطق تأثراً بسلبيات الهيمنة الامبريالية الأمريكية المعولمة، التي استطاعت عبر عملاؤها من الشرائح الكومبرادورية والطفيلية والبيروقراطية الحاكمة في مجمل الأنظمة العربية، أن تكرس مظاهر التبعية والاستغلال الطبقي والتخلف والاستبداد، الأمر الذي أدى بأقطار الوطن العربي إلى مزيد من التفكك والغرق في السياسة القطرية على حساب المصالح القومية، حيث تحولت الجامعة العربية إلى ديكور وغطاء يستر أزمات وخلافات الأنظمة.

 ونتيجة لهذه التراكمات السالبة والخطيرة، أكد المؤتمر على أن النظام العربي الرسمي انفصل عن المجتمع العربي، وعن مسارات الديمقراطية، حيث تكرست مظاهر الاستبداد وغياب الديمقراطية، وضرب الحريات العامة، إلى جانب المزيد من مظاهر الفساد والإفقار والبطالة وتفاقم الأوضاع الاجتماعية والتفاوت الهائل في الثروات والدخل في ظل غياب أي سياسات للتنمية المستقلة المعتمدة على الذات.

كما أن محاولات التوريث السياسي في نظام الحكم الجمهوري، بديلاً عن الديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة، أحدث حالة عميقة من الاغتراب بين الشعوب العربية وأنظمتها ونخبها السياسية.

وفي ضوء هذا الواقع العربي البائس، تحول الوطن العربي إلى المسرح الأبرز للأحداث دولياً، حيث تجلت على أرضه مظاهر العدوانية الأمريكية، الصهيونية، من أجل تحقيق الهيمنة الشاملة عليه، وإخضاع شعوبه واستغلال مقدراته، وضمان أمن وسيطرة الكيان الصهيوني، الأمر الذي يعني أن الوطن العربي، كان ولا يزال، يعيش أزمة مجتمعية عامة وعميقة، تستحكم وتتشابك مظاهرها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، باتت تطرح إن على مستوى الفكر أو الممارسة، تحديات ثقيلة على حزبنا وكافة أحزاب اليسار العربي وكل من يقلقه حاضر شعوبنا العربية ومستقبلها.

وارتباطاً بهذه الاستنتاجات، دعا المؤتمر إلى ضرورة المراجعة الشاملة لمسيرة حركة التحرر العربي، من خلال إعادة الاعتبار للفكر التقدمي الديمقراطي، وفتح حوار شامل –بين كافة أطراف هذه الحركة- حول الإشكالات الكبرى والمصيرية، بما يمكننا من توسيع جبهة المواجهة، والتصدي لكل مظاهر الاستبداد والاستغلال والقمع والإرهاب الفكري الذي تعيشه شعوبنا العربية.

كما أكد المؤتمر، على أننا بحاجة لصيغة جديدة للثورة العربية، ذات بُعد اجتماعي طبقي وتوجه ديمقراطي، صيغة تلتصق بالجماهير، وتنخرط بها وتسعى لإيجاد البدائل البرامجية الثورية الديمقراطية، الكفيلة برفع المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للجماهير الشعبية التي وصل البؤس والإحباط في أوساطها، إلى حد اللجوء إلى الحركات السلفية والتيارات الأصولية، وأخذ القرارات والتوجهات التي تحقق ذلك.

وفي تحليله للانتفاضات الشعبية وسقوط رؤوس الأنظمة في تونس ومصر وليبيا واليمن وامتدادها إلى معظم الأقطار العربية، رأى المؤتمر في هذه الحالة الثورية، بداية مشهد عربي جديد، يجسد تطلعات وإرادة الجماهير العربية التي أثبتت وبرهنت على أن لديها من قوة التغيير ما يؤهلها لإسقاط أنظمة الاستبداد والاستغلال، إذا ما توفرت القوى الطليعية الثورية التقدمية الديمقراطية المعبرة عن تطلعاتها وأمانيها.

لكن غياب أو ضعف هذه القوى، كما لا حظ المؤتمر، أدى إلى توفر الفرص لكي تقطف حركات الإسلام السياسي عموماً، وجماعة الإخوان المسلمين خصوصاً، ثمار الحالة الثورية والاستيلاء على السلطة والحكم في تونس ومصر بعد سقوط النظام فيهما، بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية وعملائها في الأنظمة الرجعية، لكن الجماهير العربية سرعان ما اكتشفت زيف شعارات وبرامج الجماعات الإسلامية، وعدم اختلافها في الجوهر عن سياسات وبرامج الأنظمة المخلوعة من حيث استمرار التبعية وتفاقم مظاهر الفقر والبطالة والغلاء، إلى جانب تفاقم مظاهر التخلف الاجتماعي عبر دعوة هذه الجماعات إلى معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من خلال منطق غيبي تراجعي عاجز عن بلورة برنامج ديمقراطي تنموي يلبي الحد الأدنى من الأهداف التي قامت الجماهير بالثورة من أجل تحقيقها، وبالتالي فإن مشهد الإسلام السياسي في السلطة، في مصر وتونس وليبيا وغيرها، لم ولن يجلب للجماهير العربية سوى المزيد من الاستبداد والاستغلال والتخلف، ما يعني عودة أدوات الظلم والظلام بلباس جديد لإعادة تشكيل بلدان النظام العربي في إطار أشكال جديدة من التبعية للامبريالية الأمريكية والنظام الرأسمالي العالمي، خاصة وان الجماعات الإسلامية أثبتت –عبر مواقفها السياسية التاريخية في المرحلة الماضية أو في المشهد الراهن- أنها لا تتناقض مع السياسات والرؤى الامبريالية.

ولذلك لم يكن مستغرباً أن تشتعل الانتفاضات الشعبية من جديد في مصر وتونس خصوصاً، معلنة رفض الجماهير لأنظمة وجماعات الإسلام السياسي، ونجحت في إسقاطها في مصر، على الرغم من الصراعات الدموية الناجمة عن ذلك السقوط، وهي صراعات تستهدف تفكيك الدولة العميقة  في مصر على شاكلة ما جرى ويجري في العراق وسوريا.

وهنا بالضبط، رأى المؤتمر، إن الضرورة التاريخية الراهنة، تستدعي من القوى والأحزاب اليسارية والديمقراطية الثورية في كل بلد عربي، تركيز أهدافها ومهماتها الديمقراطية، السياسية والمجتمعية، عبر التواصل والتأثير في صيرورة الحراك الثوري العربي الراهن، وان تتحمل هذه القوى مسئوليتها الكبرى، في كونها تشكل في هذه المرحلة طليعة الحامل السياسي الاجتماعي الديمقراطي من أجل تغيير الواقع الراهن وتجاوزه، وتحقيق تطلعات وأهداف جماهير الفقراء من العمال و الفلاحين وكل المظلومين والمضطهدين في إطار مواصلة النضال الديمقراطي من اجل استكمال مهمات الثورة الوطنية الشعبية الديمقراطية بآفاقها الاشتراكية.

فمع استمرار سيرورة الحالة الثورية العربية وتحقيقها لأهدافها، يصبح من الطبيعي أن يتأسس على ذلك فضاءً قومياً عربياً ديمقراطياً على الصعيدين الشعبي والرسمي، يشكل حاضناً ووعاءً للقضية الفلسطينية انطلاقاً من أن الصراع مع الكيان الصهيوني هو صراع عربي صهيوني بالدرجة الأولى وفي طليعته شعبنا الفلسطيني وفصائله الثورية المناضلة، الأمر الذي يؤشر على أن الوجود الإسرائيلي هو رهن سكون أو فعالية اللحظة السياسية والثورات الشعبية العربية ومستقبلها.

ج- الوضع الفلسطيني:

ضمن الاستخلاصات الرئيسية، فقد أكد المؤتمر على أن ما تَعَرَّضَ له شعبنا من متغيرات خطيرة أصابت ثوابته وأهدافه الوطنية منذ توقيع اتفاق أوسلو 1993 وتراكماتها المتفاقمة حتى لحظة انعقاده، تفرض علينا في الجبهة الشعبية أن نناضل –بصورة ديمقراطية- لتفعيل دورنا عبر رؤيتنا السياسية وبرنامج حزبنا في ممارسة كل أساليب الضغط والمواجهة الديمقراطية داخل مؤسسات م.ت.ف، ضد كافة السياسات الهابطة وكل مظاهر الهيمنة البيروقراطية والتفرد، وذلك من أجل تجديد بنية م.ت.ف والحركة الوطنية الفلسطينية وتخليصها من هيمنة القوى الطبقية والسياسية اليمينية المتنفذة ورموزها التي أسهمت في ما وصلت إليه الأوضاع الفلسطينية من تراجع مستمر وهبوط سياسي متصل عبر تراكماته منذ لحظة الاعتراف بدولة العدو الصهيوني حتى اللحظة الراهنة من مواصلة عملية التفاوض العبثي مع حكومة نتنياهو بإشراف أمريكي منحاز للشروط الإسرائيلية.

وبالتالي فأن عملية التجديد التي أكد على ضرورتها مؤتمرنا الوطني السابع، تستهدف تجديد وتطوير مسيرة نضال شعبنا وانجازاته التي حققها عبر عقود من التقسيمات والمعاناة والنضال، وهذا يعني تجديد أهم إطار سياسي جامع لشعبنا، ونقصد بذلك منظمة التحرير الفلسطينية، التي اكتسبت صفة تمثيلية عامة عبر مسيرتها الطويلة والمتعرجة .

إن إدراك مؤتمرنا لحقيقة الأزمة المعقدة التي دخلتها الحركة الوطنية الفلسطينية ،وعجزها عن تحقيق عملية التحرر الوطني وفق مواثيق م.ت.ف.، ورضوخ قيادتها للشروط الأمريكية والإسرائيلية، والتخلي عن برنامج الإجماع الوطني واستبداله بالبرنامج السياسي والطبقي (أوسلو) المعبر عن مصالحها الأنانية الضيقة، إلى جانب عجز البديل اليساري عن النهوض، وتفاقم الصراع على السلطة والمصالح بين الهوية الوطنية الديمقراطية العلمانية لشعبنا، وبين هوية الإسلام السياسي القائمة على رؤية ماضوية، يمينية، تفتح الطريق أمام الاستبداد والإكراه الاجتماعي، وكل هذه الأسباب والعوامل، التي وقف أمامها المؤتمر تشخيصاً وتحليلاً، هي التي دفعته إلى التأكيد على عملية التجديد في بنية الحركة الوطنية الفلسطينية في م.ت.ف، وفق رؤية وطنية ثورية وديمقراطية، انطلاقاً من إدراك المؤتمر أن التآكل الكبير الذي أصاب مكانة م.ت.ف. ومؤسساتها، إنما هو أحد تجليات حالة التآكل والتراجع في نضالنا الوطني التحرري، وتحديداً منذ اندراج القيادة المتنفذة في م.ت.ف. في نهج ومسار أوسلو واستمرارها بذات النهج اليميني الاستسلامي حتى اللحظة.

ومن ناحية ثانية، أكد المؤتمر على أن الإعلاء المتعمد لمكانة السلطة الفلسطينية على حساب مكانة ودور ومرجعية م.ت.ف. قد سدد ضربة قاسية لمكانتها نتيجة فقدانها الحفاظ على الأفكار الوطنية التوحيدية الناظمة لوعي شعبنا وأهدافه الوطنية الكبرى.

لذلك رأى المؤتمر أن عملية التجديد يجب أن تتضمن ما يلي:

أولاً: التجديد للالتزام بالثوابت الوطنية الفلسطينية : بالميثاق الوطني الفلسطيني/ وبرنامج الاجماع الوطني / البرنامج السياسي للمنظمة – وعلى الأخص التمسك بحق العودة لشعبنا وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.

ثانياً: بلورة إستراتيجية راهنة للنضال الوطني الفلسطيني، تقوم على الثوابت التي جرت الإشارة إليها من جانب، وتستجيب لمتطلبات الكفاح الوطني الفلسطيني في ظل الظروف المعطاة من جانب آخر.

ثالثاً: تعزيز وحدة شعبنا الفلسطيني ووضع حد لحالة التآكل التي نشأت خلال العقد الأخير (داخل خارج) (ضفة غزة) (شمال جنوب).إن تجديد وتعميق الصلات بين أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده يمثل هدفاً راهناً وعنواناً يتوجب علينا الإمساك به بكل قوتنا.

رابعاً: إن تحقيق حق العودة هو هدف فلسطيني وعربي في آن واحد.. وبالتالي فإن إعادة إطلاق مفاعيل الترابط بين العمق العربي – الشعبي من جانب، والنضال الوطني الفلسطيني من جانب آخر، وبما يعيد الاعتبار للعمق العربي في الصراع الدائر بين شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية وبين المشروع الصهيوني المجسد بدولة الاحتلال، إنما يمثل ضرورة وعنواناً أصيلاً في عملية تجديد مبنى م.ت.ف.، ومجمل مركبات حركة التحرر الوطني الفلسطيني.

أما بالنسبة لتشخيص وتقييم الانقسام والصراع على المصالح بين حركتي فتح وحماس، فقد أكد المؤتمر أن ظاهرة الانقسام ليست جديدة أو طارئة في الساحة الفلسطينية، حيث تجلى الانقسام في أكثر من محطة ومرحلة سياسية طوال العقود الستة الماضية، لكنه كان انقساماً حول كيفية إدارة الصراع مع الكيان الصهيوني في كل مرحلة من مراحل النضال، حيث تكرس – طوال العقود الأربعة الماضية- منهجان سياسيان في التعاطي مع قضايا الصراع، منهج التسوية السياسية، ومنهج استمرار النضال والمقاومة.

وقد استمر النهجان في الصراع داخل م.ت.ف.، لكن في حدود الخلاف في الآراء السياسية دون الوصول إلى الفصل الجغرافي أو الجهوي، لكن محطة أوسلو، وقيام سلطة الحكم الإداري الذاتي في الضفة وقطاع غزة، شَكَّلا نقطة انعطاف حادة في مسار الانقسام السياسي الفلسطيني ليتحول إلى انقسام على الثوابت والرؤى والمواقف والممارسات.

وفي السياق ذاته، يرى المؤتمر، أن ظواهر الهبوط عن الثوابت والاستبداد والفساد التي تراكمت واستشرت في السلطة الفلسطينية، قدمت بعداً موضوعياً وذاتياً في فوز حركة حماس في الانتخابات التي جرت في يناير 2006.

وفي هذا السياق، لاحظ المؤتمر، إن حركة حماس، بدلاً من أن تشكل بفوزها بالأغلبية في انتخابات يناير 2006، مساراً جديداً في الحياة السياسية الفلسطينية، راحت بعيداً تحت تأثير نشوة الفوز في إطار استمرار عملية الصراع على السلطة والمصالح مع حركة فتح، بالإقدام على الحسم العسكري في الرابع عشر من حزيران 2007، وضرب مفهوم وركائز الديمقراطية التي أوصلتها إلى السلطة، كما ضربت مبدأ الحوار الوطني، كناظم سياسي وديمقراطي لبلوغ شعبنا ومجتمعنا الغايات والأهداف التي ناضل – ومازال- من أجلها.

وبالتالي، أصبحت حركة حماس هي البديل "الشرعي" لكل ما هو شرعي ووطني، وفرضت نموذجاً في قطاع غزة، لا يختلف في جوهره كثيراً عن نموذج حركة فتح، بل فاقم من سياسة التفرد والهيمنة والقمع والملاحقة، بما أدى إلى إنتاج ظواهر سياسية ومجتمعية في قطاع غزة بالذات، غريبة عن موروث مجتمعنا الفلسطيني.

والمحصلة من تجربة فتح وحماس –كما أكد المؤتمر – فشلهما في نقل المجتمع الفلسطيني من حالة الاستبداد والتراجع الاجتماعي والهبوط السياسي إلى حالة ديمقراطية تعددية في إطار الحراك الوطني التحرري والثوابت والأهداف الوطنية، وهذا الفشل مازال عنواناً ومؤشراً سلبياً خطيراً في حياة شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات منذ حزيران 2007 حتى اللحظة، حيث تراجع مشروعنا الوطني التحرري الديمقراطي الفلسطيني وتقدم الصراع على السلطة والمصالح الفئوية بين حركتي فتح وحماس على حساب المشروع الوطني التحرري.

أمام هذه الصورة القاتمة، أكد المؤتمر على أن الجبهة الشعبية، بما تمثله من موقع مسئول وروح وطنية عالية وحريصة على مشروعنا الوطني التحرري، لم تكن مع فريق في مواجهة الفريق الآخر، وظلت مع مشروعنا الوطني التحرري والاجتماعي الديمقراطي، ومع تعزيز صمود شعبنا ومقاومته، ورفضت المشاركة في الحكومات الفئوية في غزة أو رام الله، واستمرت في ممارسة موقفها وقناعاتها في مقاومة ورفض الحسم العسكري وتداعياته، وتمسكت –وما زالت – بالحوار الوطني الشامل مدخلاً وحيداً لمعالجة الخلافات والتعارضات، وأعلنت تجريمها اللجوء إلى الاعتقال السياسي، وحرصت –ومازالت- على ممارسة كل أشكال الضغط الشعبي الجماهيري من أجل إنهاء الانقسام والتمسك الدائم بإرساء أسس النظام السياسي الفلسطيني الديمقراطي التعددي.

وفي هذا المجال، أشار المؤتمر إلى ضعف البديل الديمقراطي المطلوب لمجابهة الانقسام ومظاهر الهبوط السياسي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الفلسطيني، وذلك انطلاقاً من رؤية جبهتنا الشعبية لمفهوم البديل الوطني الديمقراطي، الذي لا نعتبره ضرورة وطنية ومجتمعية وسياسية فحسب، بل نعتبره عملية سياسية اجتماعية وفكرية شاملة في مواجهة عملية سياسية اجتماعية نقيضة قادت الوضع الفلسطيني على مدار عقود نحو مواقع الفشل والهزيمة.

بناء على ما تقدم، فإن المؤتمر يرى أن بديلنا الوطني الثوري والديمقراطي ليس نزعات سياسية يومية.. أو ردات فعل سياسية من واقع الأحداث السياسية الجارية.. إنما بديلنا هو خيار استراتيجي لمواجهة استحقاقات الصراع الشامل والموضوعي والمفتوح مع الاحتلال، والصراع مع اليمين المهيمن سياسياً وفكرياً، (وذلك انطلاقاً من أن الجبهة الشعبية ترى في البديل الوطني والديمقراطي أداة صراعية مع المحتل.. ومع برامج اليمين بشقيه الليبرالي السياسي والإسلامي) في إطار رؤية شاملة للصراع التحرري والاجتماعي والديمقراطي .

 كما أكد المؤتمر على أن فشل تحقيق هذا البديل التاريخي لا يعني فشل الرؤية أو الفكرة بل هو فشل القوى والفصائل ذاتها وعدم ارتقاءها بمستوى المهام التاريخية.

من هنا فإن الجبهة الشعبية لم تزل ترى في تحليلها وتبنيها لموجبات البديل الوطني والديمقراطي، عملية إنهاضية وثورية للوضع الفلسطيني برمته.. وعملية مفتوحة على أوسع مدى.. على قاعدة تملك شروط الصراع الموضوعية والذاتية.. كما ترى أن هذا التحليل .. تحليلاً صائباً.. ودافعاً لنا من جديد في العمل الدؤوب لأجل إخراج الحالة الفلسطينية من الأزمة المستعصية أو المأزق الراهن.

أما بالنسبة للموقف من الحل المرحلي، فإن المؤتمر أعاد التأكيد على أن تبني الجبهة للمرحلية في النضال، كان هدفاً مرحلياً في إطار رؤيتنا الإستراتيجية لأنها لم تتخلى – ولن تتخلى – عن رؤيتها لطبيعة الصراع الدائر فوق أرض فلسطين من حيث كونه صراعاً يدور بين المشروع الصهيوني المُعَبِّر عن مصالح النظام الرأسمالي العالمي من جانب، وبين شعبنا الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ إلى جانب شعوبنا العربية التي تدرك اليوم أن الدولة الصهيونية أسهمت في احتجاز تطورها وتكريس تبعيتها وتخلفها، حيث يتضح للجميع أن الصراع مع دولة العدو هو صراع عربي صهيوني امبريالي بالدرجة الأولى.

ولذلك رأى المؤتمر أن أية مراجعة نقدية للمسارات السياسية التي شهدها الصراع مع الكيان الصهيوني، تقودنا لاستنتاج واحد محدد وهو: إن الحل النهائي لهذا الصراع لن يتم فعلاً إلا بقيام دولة فلسطين الديمقراطية على كامل تراب فلسطين التاريخية وحل المسألة اليهودية ضمن هذا المنظور.

على أن هذه الرؤية الإستراتيجية، لا يمكن أن تتوفر لها عوامل الانتصار، بدون استنهاض حزبنا، واستنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية وتطوير أوضاع المجتمع والشعب الفلسطيني في الوطن والمنافي بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية، وبالتالي فإن المؤتمر أكد على أن مهمة إعادة التوازن للحياة الاجتماعية والسياسية الفلسطينية باتت تشكل ضرورة وواجباً وطنياً ملحاً، واستحقاقاً راهناً لا مستقبلياً، وهذا يفرض علينا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين النضال من أجل تجاوز الوضع القائم صوب وضع تحرري ، ديمقراطي وثوري على الصعيدين السياسي والمجتمعي ، يستند إلى العدالة الاجتماعية والديمقراطية في إطار رؤيتنا الوطنية المستندة إلى قطع كل علاقة سياسية واقتصادية مع الدولة الصهيونية، ومن ثم تحقيق الرؤية التنموية التي تستهدف بالأساس تعزيز صمود الإنسان الفلسطيني عبر تحسين ظروفه المعيشية وتوفير المتطلبات الأساسية الاجتماعية والثقافية والروحية، وهي تنمية تتقاطع مع عمقها العربي، وذلك انطلاقاً من إدراك المؤتمر بأن الرؤية التقدمية للتنمية، هي رؤية كفاحية، تهدف إلى تحقيق الاستقلال الوطني الناجز، لان لا تنمية حقيقية مستقلة بدون طرد الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال ومن ثم مواصلة النضال – في إطار الثورات العربية- من اجل تحقيق الهدف الكبير في فلسطين الديمقراطية لكل سكانها، كبديل تاريخي وحل تاريخي .

ثانياً : الهوية الفكرية للجبهة :

إدراكاً من الوعي بأن لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية، فقد أكد المؤتمر مجدداً على الاسترشاد بالنظرية الماركسية ومنهجها المادي الجدلي، مشيراً إلى التعاطي معها بروح عالية من التجديد والتطور الفكري المنسجم مع قضايا واقعنا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي بعيداً عن كل مظاهر الجمود الفكري العقائدي.

وبالتالي فإن الحديث عن تجديد الماركسية يجب أن يعني استيعابها لواقع المجتمع والشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، إلى جانب الواقع الاجتماعي لبلدان الوطن العربي وخصوصيته والتطورات التي شهدها ارتباطاً بالمتغيرات العالمية الراهنة، ويرى المؤتمر أن من واجب القوى اليسارية العربية، الاستفادة من خبرة التجربة التاريخية السابقة للعمل على إنتاج الماركسية وتطبيقها وفق خصوصية الواقع في هذا البلد أو ذاك، وذلك عبر الكشف المتصل عن القوى ذات المصلحة في التحرر والتقدم الاجتماعي والتنمية المستقلة المعتمدة على الذات، وعليهم أيضا النضال من أجل الديمقراطية الحقيقية بأبعادها السياسية الاجتماعية والاقتصادية، ومراكمة كل أشكال الوعي الثوري المنظم (الحزب) عبر الممارسة اليومية المتصلة مع الجماهير الشعبية من العمال والفلاحين الفقراء وكل الكادحين والمضطهدين لمراكمة عوامل التغيير الثوري والتحولات النوعية الثورية الكفيلة بتحطيم بنية أنظمة التبعية والاستبداد والتخلف والاستغلال الطبقي وتأسيس النظام الديمقراطي الشعبي بآفاقه الاشتراكية .

ثالثاً: الوضع التنظيمي :

أكد المؤتمر على أهمية تعزيز وحدة التنظيم من خلال تعميق الحياة الديمقراطية على كل المستويات، حيث ناقش المؤتمر التقرير التنظيمي، وأشار إلى جملة العوامل الموضوعية والذاتية التي أثّرت على بنية الجبهة الشعبية، حيث تم ممارسة النقد الموضوعي للحالة التنظيمية التي عاشتها الجبهة الشعبية ما بين المؤتمرين، مستخلصين الدروس من التجربة الماضية لتصليب البنية التنظيمية والفكرية والسياسية، على طريق الخروج من الأزمة الخاصة للجبهة المرافقة للأزمة الوطنية العامة، وحدد المهام التنظيمية الراهنة للخروج من هذه الأزمة صوب النهوض.

كما ناقش المؤتمر وثيقة النظام الداخلي، وأجرى العديد من التعديلات عليها، بما يواكب التطور ويستجيب لتعزيز الديمقراطية في حياتنا الحزبية الداخلية.

وأقر المؤتمر سلسلة من الخطوات الداعية لبذل الجهود والطاقات لإعادة بناء التنظيم وتطوير وسائل وأساليب عمله، وتحسين أدائه، والارتقاء بمستوى فعالياته وأنشطته المختلفة، وتعزيز العلاقة مع الجماهير الشعبية، باعتبار أن التنظيم هو الرافعة الأساسية التي بدونها يستحيل فتح الآفاق أمام إمكانيات التقدم بالمشروع الوطني.

ولقد أولى المؤتمر اهتماماً لمسألة الديمقراطية في الحياة الحزبية التنظيمية، سواء في نقاش الوثائق أو قرارات المؤتمر، مشدداً على أهمية التعاطي معها كمنهج تفكير وسلوك وأسلوب عمل، على قاعدة تعميق الوعي وتوسيع هامش ممارساتها داخل الحزب، وبناء الأداة الطليعية القادرة على حمل الفكرة والبرنامج والشعار، والسير بخطوات ملموسة في بناء الأداة التنظيمية القوية القادرة على الصمود في وجه التحديات والآفات والأمراض الضارة، واستحداث الأدوات الملائمة والقادرة على الاستنهاض، وذلك من خلال استنفار الحزب لكل إمكانياته وقواعده وهيئاته ومؤسساته في خدمة الجماهير.

كما توقف المؤتمر أمام الدور الهام للشباب كقوة محركة للثورات، مؤكداً على ضرورة ضخ الوعي الثوري بينهم واجتراح الأطر الثورية القادرة على نظم جهودهم، بما يضاعف من تأثيرهم ويزيد من مستوى الوعي لديهم، وتوسيع دورهم ومكانتهم في هيئات الحزب بمختلف مستوياته الكادرية والقيادية، إلى جانب الاهتمام بتطوير أدوات عمل حزبنا في أوساط الشباب الفلسطيني في الوطن والشتات.

كما ناقش المؤتمر باهتمام بالغ وبروح عالية من الحس الوطني المخاطر الجارية ضد حقوق اللاجئين وحق العودة مشدداً على أهمية النضال المستمر من أجل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم التي هجروا منها عام 1948 ورفض كافة المخططات والمشاريع الرامية إلى تصفية هذا الحق التاريخي، إلى جانب مواصلة النضال من أجل ترسيخ الهوية الوطنية الفلسطينية لشعبنا في مناطق 1948 ومقاومة كافة أشكال ومحاولات تبديدها، ومحاربة مخططات الكيان الصهيوني بالنسبة لتهويد الدولة، ومجابهة ومقاومة مخططاتها الهادفة إلى تهويد مدن وقرى الشعب الفلسطيني.

كذلك الأمر، وقف المؤتمر مطولاً أمام قضية المرأة الفلسطينية ودورها الهام في مسيرة النضال الوطني التحرري والاجتماعي، مؤكداً على أن كل حديث عن التحرر والديمقراطية والمقاومة والتقدم لا يلتزم في الممارسة بالنضال من اجل المساواة الكاملة للمرأة العربية مع الرجل وتحريرها من كافة القيود الاجتماعية ومن كافة أشكال وأدوات ومظاهر الاستبداد التي تعاني منها المرأة في بلادنا، هو حديث منافق أو زائف لا معنى ولا قيمة له أو تأثير.

هذا وقد جسد المؤتمر كل ذلك بزيادة وجود المرأة في اللجنة المركزية المنتخبة من المؤتمر على طريق زيادة مكانتها ودورها في هيئات الجبهة القيادية .

وبالنسبة للأسرى والمعتقلين اعتبر المؤتمر قضية الأسرى وتحريرهم من بين أهم أولويات حزبنا في نضاله المستمر من أجل تحريرهم من سجون الاحتلال بكافة الوسائل.

كما جدد المؤتمر العهد لكافة الأسرى وجميع الشهداء بمواصلة النضال والسير على ذات الدرب والطريق الطويل، ووجه التحية إلى أرواح الشهداء وفي مقدمتهم القائد المؤسس جورج حبش والقائد أبو علي مصطفى والقائد أبو ماهر اليماني وغسان كنفاني ووديع حداد وجيفارا غزة وشادية أبو غزالة ومها نصار وكل شهداء حزبنا وشعبنا وثورتنا المجيدة.

هذا وقد اختتم المؤتمر أعماله بتوجيه التحية إلى الرفاق الذين أخلوا مواقعهم القيادية، ثم قام  بانتخاب لجنة الرقابة المركزية واللجنة المركزية العامة والتي بدورها اجتمعت بعد انتهاء أعمال المؤتمر وقامت بانتخاب الرفيق أحمد سعدات أميناً عاماً للجبهة والرفيق أبو أحمد فؤاد نائباً للأمين العام وبقية أعضاء المكتب السياسي بصورة ديمقراطية، وقد بلغت نسبة التجديد في اللجنة المركزية 65%، وفي المكتب السياسي 55%، ونسبة تمثيل المرأة في الهيئات المركزية بلغت 20%.